وزارة الداخلية تسلم التراخيص النهائية لخمسة أحزاب سياسية جديدة .

في خطوة تعكس انفتاحاً سياسياً ملحوظاً، أعلنت وزارة الداخلية واللامركزية والتنمية المحلية في موريتانيا، اليوم، منح التراخيص النهائية لخمسة أحزاب سياسية جديدة، في تطور لافت قد يُعيد رسم ملامح المشهد السياسي الوطني، خصوصاً مع اقتراب الاستحقاقات القادمة واحتدام النقاش حول الحوار الوطني المرتقب.
أحزاب بخلفيات سياسية متنوعة
القائمة المعلنة تضم أسماء بارزة في السياسة الوطنية:
– محمد جميل منصور، الرئيس السابق لحزب “تواصل”، يقود حالياً جبهة المواطنة والعدالة، في عودة لافتة إلى الحياة الحزبية بعد فترة من الترقب.
– الدكتور نور الدين محمدو، باحث أكاديمي بارز، يترأس حزب موريتانيا إلى الأمام، ما يعكس اتجاهاً لإدخال نخب أكاديمية في الحراك السياسي.
– محمد الأمين المرتجي الوافي، أحد المرشحين السابقين للانتخابات الرئاسية، يعود من بوابة حزب الخيار الآخر.
– عبد الرحمن ولد ميني، النائب البرلماني السابق، يعزز حضوره من خلال حزب صيانة المكتسبات الديمقراطية.
– زينب بنت التقي، النائبة السابقة، تدخل الساحة برؤية نسائية من خلال حزب نماء.
قراءة في دلالات الترخيص
توقيت الترخيص لا يخلو من رسائل سياسية:
1. دفع نحو تنويع العرض الحزبي: بعد سنوات من هيمنة عدد محدود من الأحزاب، يفتح هذا القرار المجال أمام قوى جديدة لتنشيط الحراك الديمقراطي.
2. إعادة تدوير النخب: معظم قادة هذه الأحزاب ليسوا وافدين جدداً على السياسة، بل شخصيات لها سجل سياسي معتبر، ما يعني أن الأمر لا يتعلق بتجديد كلي بقدر ما هو إعادة تموضع لقوى قديمة بأسماء جديدة.
3. تهيئة لمناخ سياسي تنافسي: الترخيص يأتي في سياق التحضير لحوار وطني، وهو ما قد يمنح هذه الأحزاب فرصة مبكرة لتقديم رؤاها والمشاركة في صياغة ملامح المرحلة القادمة.
توقعات للمشهد السياسي المقبل
– تعزيز الديناميكية السياسية: دخول خمسة أحزاب دفعة واحدة قد يحرّك المياه الراكدة ويجبر الأحزاب الكبرى على مراجعة خطابها وتحالفاتها.
– إمكانية تشكل تحالفات جديدة: مع تشابه توجهات بعض هذه الأحزاب، قد نكون أمام مشهد تحالفي واسع في أفق الانتخابات التشريعية أو الرئاسية المقبلة.
– توسيع قاعدة الحوار الوطني: بوجود هذه الكيانات الجديدة، قد تصبح مخرجات الحوار أكثر تنوعاً، ما يعزز شرعيته السياسية.
ترخيص هذه الأحزاب لا يمثل فقط إجراءً إدارياً، بل هو تحول سياسي نوعي، يعكس إرادة لإعطاء نفس جديد للتعددية السياسية. وإذا ما استثمرت هذه الأحزاب حضورها في طرح برامج واقعية وقريبة من هموم المواطن، فإنها قد تتحول إلى فاعل مؤثر في إعادة تشكيل التوازنات داخل الساحة الوطنية. وفي الوقت ذاته، فإن النظام السياسي بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني يبدو ماضياً في اتجاه الانفتاح وتوسيع قاعدة العمل السياسي، وهو ما قد يسهم في ترسيخ الاستقرار وتعزيز ثقة المواطنين في المسار الديمقراطي.
