الأخبارالأخبار الدولية
جنرال متقاعد: موريتانيا بين انهيار مؤسسات الدولة وخطر الفوضى

أيُّ غَدٍ لموريتانيا؟ / الجنرال المتقاعد لبات معيوف
منذ بعض الوقت، يشغل موضوع خلافة الحاكم الحالي لموريتانيا (الرئيس) الأوساطَ في دوائر السلطة، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام.
فكل مجموعة تطرح اسم “وليّ عهدها” وتُسبغ عليه من الصفات ما يجعله الأجدر بوراثة العرش على حساب بقية المنافسين. وفي الوقت نفسه، يدّعي آخرون أن الخلافة حقٌّ حصري لهم، ويُهدّدون بإشاعة الفوضى إذا لم يصلوا إليها.
وهناك من ينفخ في نار الانقسام علنًا وأمام أنظار الجميع، من دون أن يُثير ذلك أيَّ رد فعل من السلطة، أو من الطبقة السياسية، أو من غالبية النخب الوطنية.
في هذا السياق، استُهلكت الدولة تمامًا، ولم يَعُد شيءٌ يعمل كما ينبغي؛ كل القطاعات في حالة انهيار، والنسيج الاجتماعي يتمزق، والثروات تُنهب، والعشائرية والزبونية بلغت ذروتها، والفوضى عارمة، فيما يكتفي الجميع بالمشاهدة مترقبين ما الذي سيفعله نظامٌ منهك بسبب رداءة أدائه.
إن هذه الفوضى، بما تحمله من عواقب وخيمة لا يمكن تقدير حجمها، تُجسّد عقليةً تتعارض كليًا مع بناء دولة عادلة ومنصفة، تكفل لجميع مواطنيها المساواة في الفرص، وتُمكّن كل فرد من التمتّع بحقوقه وأداء واجباته بكرامة.
في هذا الظرف الدقيق، يتعيّن على طبقتنا السياسية ونخبنا أن تضع خلافاتها جانبًا، وأن تُعلي من شأن المصلحة العامة، خاصة حين تكون مهدَّدة على هذا النحو الخطير، وأن تتوحّد لمواجهة هذه الوضعية بروح من المسؤولية والوطنية، بهدف فرض التغيير ما دام الوقت لا يزال يسمح بذلك.
إننا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أمام خيارين:
1. أن نترك الأمور تسير على هذا النحو، فنكتفي بدور المتفرّج على انهيار البلد، وهو ما لا يرضاه أحد في قرارة نفسه.
2. أن نلتقي حول توافق وطني، ونفرض التغيير:
إمّا من خلال مَن هم في السلطة، عندما يُدركون أن لا مفر منه.
وإمّا بفرض رحيلهم بكل بساطة، لأن التغيير بات أمرًا حتميًا.
إن الخيار الثاني هو ما يفرض نفسه في نظري، من أجل إنجاز التغيير الذي يطمح إليه جميع الموريتانيين. فوحدة كل القوى الراغبة في الإصلاح كفيلة بفرض الضغط اللازم على السلطة، التي دأبت منذ زمن على تقسيم القوى السياسية لإضعافها وتقويض أثرها.
إن الأولوية القصوى اليوم يجب أن تُكرَّس حصريًا للتغيير. فجميع الملفات، مهما بلغت أهميتها للبعض، ينبغي تأجيلها، إذ لا يمكن إيجاد حلول ملائمة للمشاكل المطروحة في بيئة البلد الحالية.
وأخيرًا، إن الساعة حرجة والوضع يتطلب تعبئة شاملة لكل القوى الحيّة في البلاد: الفاعلين السياسيين، الشخصيات المستقلة، وجميع المواطنين الواعين بخطورة التهديد الذي يُخيّم بكلكله على وطننا. وذلك من أجل الالتقاء حول منصة يكون هدفها الوحيد فرض التغيير في أسرع وقت، وإنقاذ الأوضاع وإصلاح المسار.